وهذه الدول المذهبية ، ليست نتيجة لمؤامرة من شيطان أكبر أو أصغر ، بل هي نتيجة طبيعية محتومة ، لعدة أسباب ؛ أولها قيام أول دولة دينية في المنطقة وهي (إسرائيل) ، وبسبب فشل بناء الدول الحديثة بعد ذهاب المستعمرين عنا ، وغياب الاندماج الإقليمي بين دولنا ذاتها ، وتداخل الدين في السياسة ، وأخيراً ؛ إندلاع الصراع السني – الشيعي ، بفجاجة وعلنياً وبلا تحرج.
لكن بالحقيقة الأمر هذا ليس محلياً فقط ، فمفهوم (الدولة) بدأ بالإضمحلال عالمياً ، و(الإنسانية) بدأت تنزع للدين وتتهيأ للـ(ملحمة) قبل حتى بداية قرننا هذا ، وسببها الرئيسي العولمة ، وصراع الثقافات ، والتقارب ، والتدافع ، الذي فرضه الإنترنت والفضائيات.
فقد كونت أوروبا أول كيان ديني ، أو ما يسمى بـ(الإتحاد الأوروبي) وهو كيان مسيحي كاثوليكي ، رفض كل محاولات الدول الأوروبية الإسلامية والمسيحية الأرثذوكسية للإنضمام له . وكيف يفترض بها أن تتهيأ للـ(ملحمة) بغير هذه الترتيبات ، خصوصاً وأنها ستقدم الجيش ذي المليون جندي (إلا أربعين ألف) لمحاربة الإمام المهدي
عموماً ، في عودة إلى موضوعنا ؛ بغضون عام إلى خمسة ، ستحل محل الدول العربية التي نعرفها اليوم ، كيانات مذهبية (سنية ، شيعية ، علوية ... إلخ) ، تحكمها منظمات جهادية (داعش ، النصرة ، حزب الله ، الحشد الشعبي ، الحوثيين ، الإخوان المسلمين ...)
وهذه الحكومات الثيوقراطية الراديكالية ستهجّر من شعوبها من لن تستطيع أن تجبره على إتباع مذهبها ، وهؤلاء المهجّرين سيتحولون إلى جهاديين غاضبين على وطنهم الذي لفظهم ، وستصبح المنطقة تفور بشعوب وحكومات وجيوش ومرتزقة ، والجميع حاقد على الجميع ، ويغلي في قدر كبير ، يدعى الشرق الأوسط الجديد
وهذه الدول الفاشية لن يكون بينها تعاون وعلاقات دبلوماسية ، بل سيكون بينها تراشق بفتاوى التكفير واللعن والإتهام ، وستظل تستنزفها وتنشب بينها حروب صغيرة محدودة ، وأخرى كبيرة
إنهي هذا الموضوع بمقولة لـ(رالف بيترز) في مقال عن الشرق الأوسط الجديد: "سيستمر جنودنا، رجالاً ونساء، في الحرب من أجل الأمن والسلام ضد الإرهاب ، ومن أجل فرصة نشر الديمقراطية ، ومن أجل حرية الوصول إلى منابع النفط ، بمنطقة مقدر لها أن تحارب نفسها"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق