الاثنين، 13 أكتوبر 2014

هل يدخل الجن الجنة؟



الجن ليسوا كالإنس في طبيعتهم، فكثير من الأحكام والعبادات لا تنطبق عليهم ، مثل الوضوء ، تحريم شرب الخمر ، أكل الربا ، الزكاة ، الحج ، الصوم ... إلخ ، فهل لديهم أحكام دينية وجزائية تتعلق بهم على ما يناسب حالهم وخلقتهم

لا سبيل إلى معرفة ذلك ،  لكن المعروف هو أنهم محاسبون : "لأملأن جهنم من الجنّةِ والناس أجمعين" ، فلا شك أنهم يدخلون النار مع الإنس، لكن هل يدخلون الجنة؟



أولاً ؛ أصحاب القول بأنهم يدخلون الجنة :

قال تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" مما يعني أنهم مكلفون بنفس طريقة البشر ، ليس بنفس عبادات البشر ، لكن لديهم عبادات ومحرمات خاصة بهم 

فهم لديهم رسل ، حسب الآية : "يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا" وقالوا في سورة الجن: "وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا وأمّا القاسطون فكانوا لجهنم حطباً" وقد خاطب الله في سورة (الرحمن) الجن والإنس في: "فبأي آلاء ربكما تكذبان"واحداً وثلاثين مرّة، وقد تضمنت السورة الوعد والوعيد، وهذا كله يدل على أن الجن مكلفون ، وأنهم محاسبون يوم القيامة ومجزيون على أعمالهم ثواباً وعقاباً. والخطاب للجن والإنس على حد السواء ، ولذلك امتن عليهم في سورة (الرحمن) بوصف الجنة ، للجن والإنس 

أما بخصوص مكان جنتهم فقيل : في الأعراف (جبال) التي بين الجنة والنار ، وقيل في ربض الجنة ، وقيل هي جنة غير جنة البشر مصداقا لقوله : ( وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) فهناك جنة لنا وجنة لهم

وهو قول ابن عباس والضحاك وعمر بن عبدالعزيز والأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد وأصحابهم ورجحه القرطبي وكثير من المفسرين  



ثانياً ؛ أصحاب رأي أنه الجن لا يدخلون الجنة :

قال ابن مفلح في الفروع : "الجن مكلفون في الجملة ، يدخل كافرهم النار" أما المؤمن "ثوابه النجاة من النار" . فقط 
وقال السيوطي: "لا خلاف في أن كفار الجن في النار، واختلف هل يدخل مؤمنهم الجنة ويثابون على الطاعة؟" وقال ابن تيمية: "وذهب طائفة منهم: أبو حنيفة :إلى أن المطيعين منهم يصيرون ترابًا كالبهائم، ويكون ثوابهم النجاة من النار" . فقط

دليل من يقول بأن صالحي الجن يتحولون إلى عدم ، هو ؛ أن كل الآيات تنص على دخول المسيء منهم النار مع الإنس ، ولكن لا توجد آية واحدة تنص على دخولهم الجنة:{قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّار} ، {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً ، وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً}
"يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ " 

وَقَدْ كتب ابن كثير في تفسيره في هذه الآية بالذات : "إسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْآيَة مَنْ ذَهَبَ مِنْ الْعُلَمَاء إِلَى أَنَّ الْجِنّ الْمُؤْمِنِينَ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّة , وَإِنَّمَا جَزَاء صَالِحِيهِمْ أَنْ يُجَارُوا مِنْ عَذَاب النَّار يَوْم الْقِيَامَة وَلِهَذَا قَالُوا هَذَا فِي هَذَا الْمَقَام وَهُوَ مَقَام تَبَجُّح وَمُبَالَغَة فَلَوْ كَانَ لَهُمْ جَزَاء عَلَى الْإِيمَان أَعْلَى مِنْ هَذَا لَأَوْشَكَ أَنْ يَذْكُرُوهُ ". 

وهكذا : لم تذكر آية واحدة أن الجن يدخلون الجنة ، ولكن كل الآيات تذكر دخول عصاتهم النار ، ولذلك ذهب علماء
أنه لا ثواب لهم : إلا النجاة من النار ثم ينتهي دورهم ويقال لهم كونوا ترابا مثل البهائم . 
وهو قول أبي حنيفة ، وسفيان الثوري والليث بن أبي سليم ، وهو رواية عن مجاهد ، وبه قال الحسن البصري . 
واستدلوا بقوله تعالى : " يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ ". قال ابن القيم : "واحتج هؤلاء بهذه الآية فجعل غاية ثوابهم إجارتهم من العذاب الأليم" . 





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق