الثلاثاء، 16 ديسمبر 2014

الملائكة الحفظة

في عام 2009 خصصت شبكة 
CBS 
التلفزيونية الأمريكية وقتاً من برنامجها الصباحي
 The Early Show 
للحديث عن الملائكة الحارسة 
Guardian Angels
(الحفظة)  فعرضت مقطع فيديو إلتقطته كاميرا أمن المستشفى حيث ظهر فيه جسم مشع وبهيئة تشبه رأساً مع جناحين ، كان في الممر وخارج غرفة المريضة (تشيلسي) ، وذلك في نفس الوقت الذي كانت فيه الأم (كولين بانتون) ترجو الله شفاء ابنتها (تشيلسي) البالغة من العمر 15 سنة والتي كانت بجوارها.


 

كانت تدعو الله بعد أن اتخذت الأم قراراً مؤلماً بأن ينزع الأطباء جهاز الإنعاش عن ابنتها بعد شهرين من وضعه حيث أخبروها بأنه لم يعد بوسعهم فعل المزيد لإنقاذ حياتها 
وحدثت المعجزة بعد ظهور الطيف المشع ، وتحسنت حالة الابنة مما أدهش الأطباء ، وتعتقد (كولين ) أن الجسم الظاهر في الفيديو كان الملاك الحارس الذي أنقذ حياة ابنتها التي تحتفل بعيد ميلادها الـ 15





في تفسير : (له معقبات من بين يديه ومن خلفه ، يحفظونه من أمر اللہ) ، (ويرسل عليكم حفظة ، حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون) 
ذكر ابن كثير أن الحفظة أربعة ، ٢ عن يمين وشمال يحصون الحسنات والسيئات ، و٢ من أمام ومن خلف يحفظونه ويدرؤون عنه 





يقول جوزيف سميث الكاتب في شؤون الملائكة : " يبدو أنهم يعترضون حياتنا في مناسبات عدة فيهبون لمساعدتنا بما وسعهم لجعل حياتنا تستمر بسلاسة وسلام ، وتكون تلك المساعدة أحياناً فكرة ملهمة لتحفيزنا ، وفي أحيان أخرى لتقديم قوة فائقة ، كما هو الحال مع امرأة استطاعت رفع سيارة بغية إطلاق سراح ابنها المحتجز تحتها، أو نسمع عن شاحنة ضلت طريقها مع سائق كان قد فقد وعيه على عجلة القيادة فتجنح في آخر لحظة مما يجنبها الإصطدام بحافلة ملأى بالناس ، في الواقع هناك العديد من الحالات والتي غالباً ما توصف بالمصادفة أو الحظ أو حتى المعجزة، لكن من له هذا الفضل واللمسة المنقذة ؟ ، ولماذا لا تأتي الملائكة لنجدة الإنسان في كل مرة ؟ في بعض الأحيان تتراجع الملائكة مكتفية بدعمنا بالامل والحب إلى أن تحين اللحظة التي نعثر فيها على حل للخروج من مأزقنا ، في الأوقات المظلمة التي نكون فيها لوحدنا" 





أقدم ذكر للحفظة كنوع من ملائكة الله ، كان من خلال (زرادشت) نبي فارس في القرن السادس قبل الميلاد ، حيث قال ؛ لكل شخص ملاك حارس، يدعي فرافاشي. 





جاء رجل إلى الإمام علي رضي الله عنه فقال : احترس فإن ناساً من مراد يريدون قتلك ، فقال : إن مع كل رجل ملكين يحفظانه مما لم يقدر ، فإذا جاء القدر خليا بينه وبين قدر الله ، وإن الأجل حصن حصينة .





الهدف من مهمة الحفظة ؛

 الأول ؛ من الوحوش والهوام وما شابه، فإذا جاء القدر خلوا بينه وبينه .

ثانيا؛ يحفظونه من العقوبة ، وهذه من النعم ، فالله لا يغير ما بقوم من العافية ، حتى يغيروا ما بأنفسهم بالكفر ، فتزول عنهم نعمة الحفظة .

ثالثا؛ يحفظونه من الجن ، قال كعب :" لولا أن الله وكل بكم ملائكة يذبون عنكم في مطعمكم ومشربكم وعوراتكم لتخطفتكم الجن " . 





عن الشيخ عبد الباسط عضو لجنة "الإعجاز العلمي والحقيقة " في لقاء على قناة الفجر الفضائية ، أن هذه الملائكة تتبدل في وقتي الفجر والعصر استناداً إلى حديث الرسول ﷺ : " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم - وهو أعلم بهم - : كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : تركناهم وهم يصلون ، وأتيناهم وهم يصلون " 





( وان عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون )

فهؤلاء الحفظة كرام مبجلين ، وكلما بجلتهم وأكرمتهم كلما لازموك ومنعوا (من أمر الله) عنك الأخطار ، فهناك أشياء تجذبهم وإخرى تبعدهم ، فمثلاً ؛ عن أمير المؤمنين علي رضوان الله وسلامه عليه :  "لا يزال الملك موليا عن العبد ما دام العبد بادي العورة" ، وهكذا الثياب المحتشمة تجذبهم ، والعري ينفرهم .





وعن ابن القيم رحمه الله في كتابه " الجواب الكافي " : "إذا كذب العبد تباعد الملك" ، فالمعاصي تبعدهم ، وتنفرهم منك ، والنجاسة ، والجنب ، والصور في المنزل ، والكلاب ، والروائح الكريهة ، والغفلة عن ذكر الله ، والكلمات والأخلاق النابية والصراخ ، وما شابه من الأمور التي لا تليق بأولئك الكرام ، وبالتالي تبقى مجرداً من حفظ الله.





جاء في (المتقي الهندي) - كنز العمال - : عن أمير المؤمنين علي رضوان الله وسلامه عليه : "كنا أصحاب محمد لا نشك أن السكينة تنطق على لسان عمر." ، "كنا نتحدث أن ملكاًً ينطق على لسان عمر.‏" وعن طارق بن شهاب قال :‏ "كنا نتحدث أن عمر إبن الخطاب ينطق على لسان ملك.‏"

فمثلما ينطقون بالحق على لسان سيدنا عمر ، من ضمن وظائف الحفظة ، حث الشخص الموكلين به ، للبعد عن الخطر ، مثلاً : أن يشعر أن عليه أن يقوم من مكانه ، فيحدث شيء كان سيؤذيه ، أو يشعر بعدم الرغبة بالذهاب برحلة كان يخطط لها ، ثم يسمع أن من ذهب هناك أُصيب بأذى .

وهكذا ؛ دور أولئك الكرام الحفظة حيوي ومهم لنا ، وهم من نعم الله التي لا تحصى ، فيجب علينا إكرامهم وإحترام وجودهم بجانبنا ، وأن ننصت لهمساتهم.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق