السبت، 15 نوفمبر 2014

الدابة

قال تعالى  " وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآَيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ  "
هذه الدابة تأتي كآخر فرصة للتوبة قبل طلوع الشمس من مغربها ، ولما لها أهمية قصوى إهتم بها العلماء منذ القدم. فهي "تكلمهم" ، وكلامها يدل على الذكاء ، وليس تقليد مثلما يفعل الببغاء ، وكلامها ليس كلاما عاما ، بل يتعلق بالعقيدة وبإيمان الناس ، وهي تكلمهم ، بمختلف لغاتهم وتحاورهم ، وتحجهم ، وكأنها بهذا تتفوق على البشر في الفهم والمنطق . 




أقوال العلماء فيها:

القول الأول : أنها فصيل (ابن) ناقة صالح. وهذا قول القرطبي ، استشهاداً بالحديث (به رجل متروك) : "لم يرعهم إلا وهي ترغو بين الركن والمقام" و(الرغاء) لا يكون إلا للبعير ، وكذلك لأن الفصيل لما قتلت الناقة هرب -كما تقول الروايات- فانفتح له حجر ، فدخل في جوفه ثم انطبق عليه ، فهو فيه حتى يخرج آخر الزمان. 
القول الثاني : أنها الجساسة المذكورة في حديث (تميم الداري) في قصة الدجال. وهو قول عبد الله بن عمر ، لكن الجساسة أخبرتهم في الحديث بأنها الجساسة ، ولم يقل أحد أنها الدابة ، ولا حتى راوي الحديث.
القول الثالث : أنها ثعبان كان يحرس جدار الكعبة ، ثم اختطفها عقاب حين أرادت قريش بناء الكعبة. وهو قول ابن عباس.
القول الرابع : أن الدابة إنسان متكلم يجادل الكفار. و لو كانت كذلك لم تكن الدابة آية خارقة ومن علامات الساعة الكبرى. خصوصاً وأنها في المعجم تطلق على الحيوان غالباً ، { وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا } 
 
 
 
القول الخامس : أنها الإمام علي بن أبي طالب ، أَخْرج ابن أبي حاتم، عن النزال بن سبرة : قيل لعلي بن أبي طالب: إنَّ ناساً يزعمون أنَّك دابَّة الاَرض، فقال:  "واللّهِ إنَّ لِدابَّةِ الاَرْضِ رِيشاً وَزَغَباً، وَمَالي رِيشٌ ولا زَغَبٌ، وإِنَّ لَهَا لَحافِراً، وَمالي مِنْ حافِرٍ، وإِنَّها لَتَخْرُجُ، حَضْـرَ الفَرَسِ الجَوادِ ثَلاثاً، وَمَا خَرَجَ ثُلُثَاها ."  




نأتي إلى هيئتها :

فعن أبي هريرة : إن الدابة فيها من كل لون، ما بين قرنيها فرسخ للراكب. 
وعن ابن عباس : هي مثل الحربة الضخمة. 
وكما تقدم عن أمير المؤمنين: إن لها ريش وزغب وحافر، وما لها ذنب، ولها لحية. 
وعن ابن الزبير : رأسها رأس ثور وعينها عين خنزير، وأذنها أذن فيل، وقرنها قرن أيل، وعنقها عنق نعامة، وصدرها صدر أسد، ولونها لون نمر، وخاصرتها خاصرة هر، وذنبها ذنب كبش، وقوائمها قوائم بعير، بين كل مفصلين اثنا عشر ذراعاً، تخرج معها عصا موسى، وخاتم سليمان، فلا يبقى مؤمن إلا نكتت في وجهه نكتة  بيضاء فتفشو فى وجهه حتى يبيض وجهه  ولا كافر إلا نكتت في وجهه نكتة سوداء بخاتم سليمان فتفشو تلك النكتة السوداء حتى يسود لها وجهه، حتى إن الناس ليتبايعون في الأسواق بكم ذا يا مؤمن؟ بكم ذا يا كافر؟ وحتى إن أهل البيت يجلسون على مائدتهم فيعرفون مؤمنهم من كافرهم، ثم تقول له الدابة: يا فلان أبشر أنت من أهل الجنة، ويا فلان أنت من أهل النار، فذلك قوله ﷻ :
 (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآياتِنَا لا يُوقِنُونَ ) 




يقول الدكتور علي الكيالي والشيخ عمران حسين : أن (تكلمهم) لا تعني أنها تتحدث ، بل أنها تجرحهم ، من (الكلم) لا (الكلام) ، لكن التكملة واضحة (تكلمهم : أن الناس كانوا بآياتنا لا يؤمنون) والسياق بين.

هناك من الباحثين من يربط بينها وبين البحوث العلمية في مجال المورثات (الجينات) والاستنساخ . لكن في الحقيقة أن الآية واضحة في أن خروجها سيكون من الأرض .




اختلفت الأقوال في مكان خروج الدابة:

القول الأول : أنها تخرج من مكة المكرمة من أعظم المساجد. فعن حذيفة بن أسيد : تخرج الدابة من أعظم المساجد، فبينا هم إذ دبت الأرض، فبينا هم كذلك إذ تصدعت.
القول الثاني: أن لها ثلاث خرجات، فمرة في البوادي ثم تختفي، ثم تخرج في بعض القرى، ثم تظهر في المسجد الحرام.
وهناك أقوال أخرى، غالبها يدور على أن خروجها من الحرم المكي. فعن أمير الموَمنين : "أَلا وَيُنْشَـرُ الصَّفا، وَتُخْرِجُ مِنْهُ الدَّابَّةُ أَوَّلَ رَأْسِها، ذَاتُ وَبَرٍ وَرِيشٍ ، فيها مِنْ كُلِّ الاَلْوَانِ".  

قال الرسول ﷺ : "بادروا بالأعمال ستا: الدجال، والدخان، ودابة الأرض، وطلوع الشمس من مغربها، وأمر العامة، وخويصة أحدكم".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق