الجمعة، 7 نوفمبر 2014

إنهم فتية آمنوا بربهم

ضاقت قريش بالرسول ﷺ ، وبالأشياء التي يقولها والتي لا يعرفون عنها شيء ، فقرروا إرسال وفدًا إلى اليهود ، لكي يخبروهم بشيء يعجز الرسول ﷺ .

فقالوا لهم : اسألوه عن ثلاثة أشياء، لن يستطيع أحد أن يجيبكم عليها ، إلا نبي :

1- فتية ذهبوا في الدّهر الأول والزمن القديم قد كانت لهم قصّة عجب.

2- رجل كان طوّافا، قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها.

3- الرّوح .



لاحظ أن الأسئلة الثلاثة تختص بمواضيع غير موجودة بأي كتاب من كتب اليهود ، وهذا يعني أنه إن لم يكن نبي وينزل عليه وحي من الله ، فلن يعرف الإجابة مهما بحث ، ويبدو أن لديهم مواضيع غيرها من هذا النوع ليختبروا فيها مدعين النبوة ، وهم يتعاهدون إجابتها شفهياً حتى لا يعرفها غيرهم .


عموماً ، رجع وفد قريش من يثرب وسألوا الرسول عن الأشياء الثلاثة، فأنزل الله الإجابة بسورة الكهف، والذي يخصنا هنا هو الفتية في الكهف :

عندما سأل اليهود والمشركين الرسول ، توقعوا ألا يرد الرسول ، أو أن يرد بشيء خاطئ ، أو بشيء مختصر مقتضب ، لكن الذي حصل لابد أنه شكل صدمة عارمة ، وخصوصاً لليهود ، فقد أجابهم بتفاصيل دقيقة مبهرة ، وهذه بعضها؛

أولاً : {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً}

  حيث لبثوا 300 سنة ميلادية . وهذه المدة تعطي (9) أعوام هجرية زيادة ، وبالتالي يكون مدة ما لبث أهل الكهف في الكهف = 300 + 9 = 309 عاما قمريا . 

 




ثانياً : ]سَيَقُولُونَ ثَلاَثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ[




فـ(ثلاثة رابعهم كلبهم) ، و ((خمسة سادسهم كلبهم) تأتي بدون (و) ، ثم تأتي (سبعة (و) ثامنهم كلبهم) بـ(و) بين السبعة والثمانية ، فذلك لأن اليهود يستخدمون نظام عددي سري يقوم على الرقم (٧) المقدس ، ففي هذا النظام مجموعات الأعداد سبعية ، بمعنى ؛ إن أردت قول أنه لديك ١٤ تفاحة ، فستقول (لدي ٧ و ٧ تفاحات) بينما نحن نعتبر الـ(١٠) مجموعة و(٤) مضافة عليها فنقول (١٤) تفاحة ، فـ(و)  تكمل مجموعة عددية ، فإذاً (ثلاثة رابعهم) و (خمسة سادسهم) كانت أقل من مجموعة عددية ولذلك لم تُذكر (و) بينهم ، بينما ذكرت الـ(و) بين (سبعة وثامنهم كلبهم) ، وهكذا كان القرآن يتعمد إبهار اليهود ، حتى لا يكون لديهم حجة بعد ، فهذا النظام العددي السبعي سري ، ويستخدمونه لإخفاء معلومات في النصوص الدينية ، مثل حساب الجمل العربي ، ويقال أنهم ورثوه عن البابليين أبان السبي ، الذين يعرفون قيمة العدد (٧) جيداً ، فهم من قسم أيام الأسبوع على أساسه ، وتلقف هذا النظام اليهود لأن له علاقة بأيام خلق الكون ، والمذكور كثيراً في التوراة والإنجيل

 (راجع : السباعيات الرقمية ، أو كتاب (وحي الكتاب المقدس) ليوسف رياض





ثالثاً : (فضربنا على آذانهم في الكهف) فقد أثبت العلم أن ٦٠٪ من حاسة السمع تبقى ناشطة عندما ينام الإنسان ، بعكس باقي الحواس . فالإنسان النائم يستجيب للصوت فقط ، وعندما يذكر الله تعطيل حاسة السمع على وجه الخصوص لأهل الكهف ، فلابد أن هذا كان مبهراً بالنسبة لليهود المستفسرين عن هوية أهل الكهف فقط


مع ذلك فالدكتور عبدالله العلي أخصائي أنف وأذن وحنجرة يقول الله عندما قال (فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عدداً) عنى الأذن تحديداً وليس السمع ، أولاً بسبب أن الإنسان قد يستيقظ لأسباب عدة وليس بسبب الصوت فقط ، فقد يستيقظ بسبب الجوع أو الحر أو البرد أو تغير الإضاءة ، لكن الآية عندما ذكرت أن الله ضرب على آذان الفتية عنت ذلك تحديداً ، فللأذن وظائف عدة منها الإتزان وغيره ، ولكن هناك عصب مهم جداً ، يدعى العصب العاشر ، وهذا العصب أطلقوا عليه العرب قديماً العصب الحائر ، بسبب تفرعه في كل الجسم ، ولكن الدكتور عبدالله العلي تحدث عن وظيفة مهمة جداً لهذا العصب تتعلق بضبط دقات القلب . فدقات القلب الطبيعية تبلغ ٩٠ إلى ١٦٠ دقة في الدقيقة ، فلو زادت لتهيج الجسد ، ولو قلّت لقلّت كمية الدم المتدفقة إلى الأعضاء وبالتالي يفقد الإنسان الوعي . يقول الدكتور عبدالله العلي ؛ أن هذا العصب يقلل دقات القلب حتى أربعة دقات في الدقيقة عند الثديات في وضع السبات الشتوي ، وذلك حتى لا يستهلك الجسم طاقة .


 فإذاًعندما (ضرب الله على آذانهم) ضبط هذا العصب الواقع في الأذن الخارجية دقات القلب على وضع السبات ، وبالتالي لن يحتاج الفتية إلى طعام وشراب ليعيشوا ، ثم يشدد الدكتور على أن الآية (فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عدداً) تعني أن الضربة على الأذن إستمرت فترة طويلة ، فعندما يتلقى شخص ضربة على أذنه يفقد الوعي لفترة ثم يستيقظ ، ولكن الضربة على آذان هؤلاء الفتية إستمرت لسنين ، 

 



رابعاً : يقول الدكتور عبدالله العلي ؛ أن ضربة الأذن سر هيئتهم المرعبة التي تحدثت عنها السورة (لو إطلعت عليهم لوليت منهم فراراً ولملئت منهم رعباً) ، حيث أن هناك عصب يدعى (العصب السابع) وهو مختص بعضلات الوجه ، فهو إذا تعرض لضربة معينة سيفتح العينين بقوة ، ويكشر عن الأسنان ، ويعقد الحاجبين ، ويمط الوجه كله للأمام ، وهذا سبب الرعب حسب تفسير الدكتور ، وذلك لأن الإنسان لا يخاف من ناس نائمين لدرجة الهروب ، إلا إن كان العصب الخامس قد تأثر بالضربة وشد عضلات الوجه ، وقد تكون لتخويف الحيوانات والناس العابرين.


خامساً: ثم ينقل الله صورة دقيقة للكهف : (ترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه) ، فهم في كهف واسع ، له كوّة ينفذ منها الهواء ، وأشعة الشمس لدى شروقها ، ثم تتنحى عنهم إلى الشمال ، ويقول ابن كثير أن "في هذا دليل أن باب هذا الكهف إلى الشمال" ، والآية توضح أن الشمس مع أنها تدخل الكهف وتطهره من الميكروبات وتحفظ أجساد الفتية من التعفن ، وكذلك تغذيها بفيتامين (د) المهم لبناء الخلايا ونقصه يؤدي إلى هشاشة العظام ، مع ذلك فهي لا تسطع عليهم مباشرة ، حيث قد تتسبب برفع درجة حرارة أجسادهم ، وتعرقهم وتعرضهم للجفاف ، وتوسع أوعيتهم الدموية وتملأها بالدماء ، فتقل كمية الدماء في أعضائهم الحيوية مثل الكبد والكلى والدماغ ، وقد تدخلهم في غيبوبة جراء ضربة حرارية.




سادساً : ثم يخبرنا الله عن حقيقة طبية : (ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال) ، فمن الإصابات الشائعة لمن يرقدون لفترة طويلة مرض يسمى بتقرحات الفراش (الخشكاريا) ، ويسببه ضغط العظام على الجلد والأنسجة التي تحتها ، مما يسبب تباطؤ جريان الدم ، وموت الأنسجة وتفسخها على شكل تقرحات ، لذا يجب قلب المريض على جنبيه كل ١٢ ساعة ، وهنا يخبرنا الله أن الملائكة كانت تتولى هذه المهمة 


لابد أن اليهود تفاجأوا بكم المعلومات الهائل هذا ، والذي لم يكن ليكون إلا من الله وحده



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق