هذا هو نقش عين عبدات في صحراء النقب ، ويعود تاريخه إلى القرن الرابع ميلادي ، وبذلك هو لا يبتعد كثيرًا عن الإسلام ، يقول
النقش :
« أنا شرحيل بر ظلمو بنيت ذا المرطول سنت ٤٦٣ بعد مفسد خيبر بعام»
هذا نص عربي مفهوم لكن ليس تماماً ، فلنرجع قليلاً إلى الوراء :
هذا نقش النمارة ، ويحوي أقدم نص بالعربية ، ويعود للعام ثلاثمائة ميلادي ، وهو على شاهد قبر امرئ القيس بن عمرو ملك الحيرة :
«تي نفس مر القيس بر عمرو ملك العرب كله ذو أسر التج وملك الأسدين ونزرو وملوكهم وهرب مذحجو عكدي وجا بزجي في حبج نجران مدينة شمر وملك معدو ونزل بنيه الشعوب ووكلهن فرسو لروم فلم يبلغ ملك مبلغه عكدي. هلك سنة 223 يوم 7 بكسلول بلسعد ذو ولده»
هل يمكنك أن تفهم شيء ، لاحظ كيف تغيرت اللغة العربية تماماً في مئة عام .
فما هي العربية ، يقول القرآن : (إنا أنزلناه قرآناً عربياً) ، و(ولو جعلناه قرآناً أعجمياً لقالوا لولا فصلت آياته ، أأعجمي وعربي) ، و(إنا جعلنهن أبكاراً عرباً أترابا)
فأي عربية المقصودة ، أهي الموجودة في نص أمرئ القيس أم شرحيل ، أم لهجاتنا اليوم التي في بعض الأحيان لا يفهم أحدنا الآخر ، أين العربية ؟
إذا أردنا أن نعرف (العربية) ، فيجب علينا البحث عن العرب أولاً :
أقدم ذكر للـ "عرب" جاء في نص آشوري يرجع إلى عام ثمانمائة وخمسون ق.م، إذ يفتخر الملك شلمنصّر بإنتصاره على "جنديبو العريبي"، ثم ورد في النصوص البابلية كلمة "ماتو عرابي"، بمعنى: أرض العرب، و"عرباية" في نص فارسي ، للشاه دارا ، وتشير إلى البادية بين العراق والشام ، أما في التوراة فقد جاء في (أشعياء) : "ولا تعمر إلى جيل فجيل ولا يضرب أعرابي فيها خيمة" ، وتشير إلى درجة فقر الأرض.
هناك رأيين في معنى (العرب):
الأول :
١- ينتسبون إلى يعرب بن قحطان، هو أوّل من تكلم بالعربية ، وأبناءه القحطانيون. أما العدنانيون فيقولون أن أول من تكلم بالعربية ، هو سيدنا إسماعيل ، وكان عمره أربع عشر سنة.
لكن حسب ما يخبرنا العلماء : أن اللغات العربية تنقسم إلى : جنوبية وتشمل السبئية والقتبانية والحضرمية والمعينية ، أما الأخرى : الشمالية فتشمل الحسائية والصفائية واللحيانية/ديدانية والثمودية.
وبهذا يكون عمر اللغة العربية بحدود الأربعة آلاف عام قبل الميلاد ، أما سد مأرب فقد إنهار في العام خمسمائة وسبعين قبل الميلاد
فإذاً العربية أقدم من إنهيار سد مأرب ومن هبوط قبيلة (جرهم) إلى مكة ، ومن وجود سيدنا إسماعيل ﷺ .
الرأي الثاني :
٢- (العرب) مشتقة من الفعل (يُعرب) ؛ أي: يُفصح ويوضح ، وأصبحت تدل على العرب لفصاحتهم في اللسان، فيُقال: رجلٌ معرّب إذا كان فصيحًا، ورجل عربي اللسان إذا كان فصيحًا.
فهل الآيات : (إنا جعلناه قرآناً عربياً) ، و(بلسان عربي مبين) و (وكذلك أنزلناه حُكماً عربياً) : تعني أن القرآن أُنزل مفهوماً واضحاً غير غامض ولا به لبس ، وهل الآية : (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ) تعني لو كان القرآن به غموض على نمط الشعر والقصص لقالوا لولا وُضّحت (فصلت) آياته ، (أأعجمي وعربي) أ(قرآن غير واضح) بـ(وواضح) يريدون ؟ ، والعرب تطلق صفة (عجم) و(أعجمي) على كل من هو غير مفهوم ، وليس على لغة معينة ، وهي نقيض (العربي) المفهوم.
وهل (فجعلناهن أبكاراً عرباً أتراباً) ؛ (عرباً) تعني أنهن يتحدثن بلغة مفهومة.
الله أعلم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق