الجمعة، 12 يونيو 2015

إنهم فتية آمنوا بربهم

ضاقت قريش بالرسول ﷺ ، وبالأشياء التي يقولها والتي لا يعرفون عنها شيء ، فقرروا إرسال وفدًا إلى اليهود (بصفتهم خبراء) ، لكي يخبروهم بشيء يعجز الرسول ﷺ .

فقال اليهود لهم : اسألوه عن ثلاثة أشياء، لن يستطيع أحد أن يجيبكم عليها ، إلا نبي :

1- فتية ذهبوا في الدّهر الأول والزمن القديم قد كانت لهم قصّة عجب.

2- رجل كان طوّافا، قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها.

3- الرّوح .

لاحظ أن الأسئلة الثلاثة تختص بمواضيع غير موجودة بأي كتاب من كتب اليهود ، وهذا يعني أنه إن لم يكن نبي وينزل عليه وحي من الله ، فلن يعرف الإجابة مهما بحث ، ويبدو أن لديهم مواضيع غيرها من هذا النوع ليختبروا فيها مدعين النبوة ، وهم يتعاهدون إجابتها شفهياً حتى لا يعرفها غيرهم .

عموماً ، رجع وفد قريش من يثرب وسألوا الرسول عن الأشياء الثلاثة، فأنزل الله الإجابة بسورة الكهف

 والذي يخصنا هنا هو (الفتية في الكهف) 

عندما سأل اليهود والمشركين الرسول ، توقعوا ألا يجيبهم الرسول ، أو أن يرد بشيء خاطئ ، أو بشيء مختصر مقتضب ، لكن الذي حصل لابد أنه شكل صدمة عارمة ، وخصوصاً لليهود ، فقد أجابهم بتفاصيل دقيقة مبهرة ، وهذه بعضها؛

أولاً : {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً} حيث لبثوا 300 سنة ميلادية . وهذه المدة تعطي (9) أعوام هجرية زيادة ، وبالتالي يكون مدة ما لبث أهل الكهف في الكهف = 300 + 9 = 309 عاما قمريا . 

ثانياً : (سَيَقُولُونَ ثَلاَثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) فـ(ثلاثة رابعهم كلبهم) ، و ((خمسة سادسهم كلبهم) تأتي بدون (و) ، ثم تأتي (سبعة (و) ثامنهم كلبهم) بـ(و) بين السبعة والثمانية ، فذلك لأن اليهود يستخدمون نظام عددي سري يقوم على الرقم (٧) المقدس ، ففي هذا النظام مجموعات الأعداد سبعية ، بمعنى ؛ إن أردت قول أنه لديك ١٤ تفاحة ، فستقول (لدي ٧ و ٧ تفاحات) بينما نحن نعتبر الـ(١٠) مجموعة و(٤) مضافة عليها فنقول (١٤) تفاحة ، فـ(و)  تكمل مجموعة عددية ، فإذاً (ثلاثة رابعهم) و (خمسة سادسهم) كانت أقل من مجموعة عددية ولذلك لم تُذكر (و) بينهم ، بينما ذكرت الـ(و) بين (سبعة وثامنهم كلبهم) ، وهكذا كان القرآن يتعمد إبهار اليهود ، حتى لا يكون لديهم حجة بعد ، فهذا النظام العددي السبعي سري ، ويستخدمونه لإخفاء معلومات في النصوص الدينية ، مثل حساب الجمل العربي ، ويقال أنهم ورثوه عن البابليين أبان السبي ، الذين يعرفون قيمة العدد (٧) جيداً ، فهم من قسم أيام الأسبوع على أساسه ، وتلقف هذا النظام اليهود لأن له علاقة بأيام خلق الكون ، والمذكور كثيراً في التوراة والإنجيل (راجع : السباعيات الرقمية ، أو كتاب (وحي الكتاب المقدس) ليوسف رياض



ثالثاً : (فضربنا على آذانهم في الكهف) فقد أثبت العلم أن ٦٠٪ من حاسة السمع تبقى ناشطة عندما ينام الإنسان ، بعكس باقي الحواس . فالإنسان النائم يستجيب للصوت فقط ، وعندما يذكر الله تعطيل حاسة السمع على وجه الخصوص لأهل الكهف ، فلابد أن هذا كان مبهراً بالنسبة لليهود المستفسرين عن هوية أهل الكهف فقط



مع ذلك فالدكتور عبدالله العلي أخصائي أنف وأذن وحنجرة يقول : أن الله عندما قال (فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عدداً) عنى (الأذن) تحديداً وليس (السم)ع ، فللأذن وظائف عدة منها الإتزان وغيره ، ولكن هناك عصب مهم جداً ، يدعى العصب العاشر ، وهذا العصب أطلق عليه العرب قديماً العصب الحائر ، بسبب تفرعه في كل الجسم ، ولكن الدكتور عبدالله العلي تحدث عن وظيفة مهمة جداً لهذا العصب تتعلق بضبط دقات القلب . فدقات القلب الطبيعية تبلغ ٩٠ إلى ١٦٠ دقة في الدقيقة ، فلو زادت لتهيج الجسد ، ولو قلّت لقلّت كمية الدم المتدفقة إلى الأعضاء وبالتالي يفقد الإنسان الوعي . يقول الدكتور عبدالله العلي ؛ أن هذا العصب يقلل دقات القلب حتى أربعة دقات في الدقيقة عند الثديات في وضع السبات الشتوي ، وذلك حتى لا يستهلك الجسم طاقة



فإذاً عندما (ضرب الله على آذانهم) قام هذا العصب الواقع في الأذن الخارجية بضبط دقات القلب على وضع السبات ، وبالتالي لن يحتاج الفتية إلى طعام وشراب ليعيشوا ، ثم يشدد الدكتور على أن الآية (فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عدداً) تعني أن الضربة على الأذن إستمرت فترة طويلة ، فعندما يتلقى شخص ضربة على أذنه يفقد الوعي لفترة ثم يستيقظ ، ولكن الضربة على آذان هؤلاء الفتية إستمرت لسنين 

رابعاً : يقول الدكتور عبدالله العلي ؛ أن ضربة الأذن هي سر هيئتهم المرعبة التي تحدثت عنها السورة (لو إطلعت عليهم لوليت منهم فراراً ولملئت منهم رعباً) ، حيث أن هناك عصب يدعى (العصب السابع) وهو مختص بعضلات الوجه ، فهو إذا تعرض لضربة معينة سيفتح العينين بقوة ، ويكشر عن الأسنان ، ويعقد الحاجبين ، ويمط الوجه كله للأمام ، وهذا سبب الرعب حسب تفسير الدكتور ، وذلك لأن الإنسان لا يخاف من ناس نائمين لدرجة الهروب ، إلا إن كان العصب السابع قد تأثر بالضربة وشد عضلات الوجه ، وقد تكون لتخويف الحيوانات والناس العابرين.

https://youtu.be/4oSyQu0AXjU

خامساً: ثم ينقل الله صورة دقيقة للكهف : (ترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه) ، فهم في كهف واسع ، له كوّة ينفذ منها الهواء ، وأشعة الشمس لدى شروقها ، ثم تتنحى عنهم إلى الشمال ، ويقول ابن كثير أن "في هذا دليل أن باب هذا الكهف إلى الشمال" ، والآية توضح أن الشمس مع أنها تدخل الكهف وتطهره من الميكروبات وتغذي أجساد الفتية بفيتامين (د) ، مع ذلك فهي لا تسطع عليهم مباشرة ، حيث قد تتسبب برفع درجة حرارة أجسادهم ، وتعرقهم وتعرضهم للجفاف ، وتوسع أوعيتهم الدموية وتملأها بالدماء ، فتقل كمية الدماء في أعضائهم الحيوية مثل الكبد والكلى والدماغ ، وقد تدخلهم في غيبوبة جراء ضربة حرارية.

https://youtu.be/VPgL9UDWKDw

سادساً : ثم يخبرنا الله عن حقيقة طبية : (ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال) ، فمن الإصابات الشائعة لمن يرقدون لفترة طويلة مرض يسمى بتقرحات الفراش (الخشكاريا) ، ويسببه ضغط العظام على الجلد والأنسجة التي تحتها ، مما يسبب تباطؤ جريان الدم ، وموت الأنسجة وتفسخها على شكل تقرحات ، لذا يجب قلب المريض على جنبيه كل ١٢ ساعة ، وهنا يخبرنا الله أن الملائكة كانت تتولى هذه المهمة 


وهكذا ، لابد أن اليهود تفاجأوا بكم المعلومات الهائل هذا ، والذي لم يكن ليكون إلا من الله وحده



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق