جاء في سورة الإسراء : (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنْ (الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) إِلَى (الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى)).
والشيء الأقصى هو البعيد مع ذلك فالعين تراه ، بمعنى حد النظر
وهناك معنى (العزل) كذلك ، مثل أن يُقصى فلان من وظيفته ، والناقة القصواء : هي الناقة التي أقصاها صاحبها عن الخدمة، لفضلها عنده.
وردت مادة (قصو) في خمس مواضع في القرآن:
- الموضع الأول: (إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى) الأنفال
- الموضع الثاني: (فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيّا) مريم.
- الموضع الثالث: (وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ يَسْعَى) القصص .
- الموضع الرابع: ( وَجَاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى) يس.
- والموضع الخامس : هو آية الإسراء
وكلها في معنى البعيد حد النظر ، وبذلك يكون المعنى الذي يستخدمه القرآن للـ(أقصى) هو البعد المكاني.
عن أبي ذر: «قلت: يا رسول الله ، أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال: المسجد الحرام. قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى. قلت: كم بينهما؟ قال: أربعون سنة»
وحسب رواية ابن عباس وترجيح ابن حجر ؛ سيدنا آدم هو باني المسجد الأقصى
لكن المؤرخين يخبروننا أن اليبوسيون (3000 - 1550 ق.م)، هم أول من أنشأ مدينة القدس وأسموها "يبوس". وآثارهم موجودة تحت الأقصى ، وفي عهدهم هاجر سيدنا إبراهيم إلى القدس، وكذلك سيدانا إسحق ويعقوب.
وبعد ذلك آل أمر المدينة إلى الفراعنة (1550 - 1000 ق.م)، ثم استولى عليها لاحقًا "العمالقة"، ثم فتح المدينة سيدنا داود عام 995 ق.م. ثم حكمها سيدنا سليمان، وبنى الهيكل ، وبوفاته انتهت مملكة إسرائيل التي دامت ثمانين عامًا.
بعده انقسمت إلى "مملكة إسرائيل" في الشمال، و"مملكة يهوذا" في الجنوب وبها القدس
وما لبثت أن هاجمها البابليون ودمروا الهيكل، وسبوا اليهود إلى بابل. بعد ذلك إحتل الفرس بابل، وسمح الملك قورش عام 538 ق.م لليهود بالعودة وبناء الهيكل. وانتهوا من بنائه سنة 516 ق.م.
ثم احتلّ الإغريق القدس ( 332 ق.م) ثم خضعت للرومان ، وفي عهدهم بعث سيدانا يحي وعيسى ، وكان الهيكل موجود.
ثم عاصرت القدس حروب بين الرومان والفرس (ألم غلبت الروم) فدخل الفرس المدينة بمعونة اليهود ، ثم إستردها الرومان، الذين جعلوا الهيكل مكبًّا للنّفايات، انتقامًا من اليهود.
في هذه الحقبة المليئة بالأحداث وقع الإسراء والمعراج ، والقرآن يسميه مسجد ، وأنه مبارك حوله ، ونعرف أن الرسول ﷺ صلى بالأنبياء هناك
فكيف نفهم هذا؟
عموماً : جيوش المسلمين وصلت إلى القدس (إيلياء) (636 م) ، فحاصروها واستعصت عليهم ، فاشترط أهلها أن يأتي الخليفة بنفسه ليتفاوضوا معه ، فأتاهم سيدنا عمر بن الخطاب وأعطاهم العهدة العمرية. وقد صحبه البطريرك "صفرونيوس" إلى كنيسة القيامة، ومن ثم إلى موقع المسجد الأقصى فوق هضبة صغيرة تُسمى "هضبة موريا" وحسب المؤرخين كان آنذاك عبارة عن هضبة خالية في قلبها الصخرة المشرفة ، فأمر الخليفة ببناء المصلّى ، وهو موقع "الجامع القبلي" اليوم
هكذا نعرف أنه لم يكن هناك مسجد قبل هذا ، ونقرأ سورة الإسراء ، ونقرأ الأحاديث :
- عن أبي سعيد الخدري: «لا تُشَدُّ الرحالُ إلا إلى ثلاثةِ مساجدَ : مسجدِ الحرام، ومسجدِ الأقصَى، ومسجدي هذا».
- عن جابر بن عبد الله: «صلاةٌ في المسجدِ الحرامِ مائةُ ألفِ صلاةٍ، وصلاةٌ في مسجدِي ألفُ صلاةٍ، وفي بيتِ المقدسِ خمسمائةِ صلاةٍ».
- عن أبي ذر الغفاري: «صلاةً في مسجدي هذا (المسجد النبوي) أفضلُ من أَرْبَعِ صلواتٍ فيهِ (المسجد الأقصى)، ولَنِعمَ المُصَلى هُوَ، ولِيُوشِكَنَّ أَنْ لا يَكُونَ للرَّجلِ مثلُ شطنِ فرسهِ من الأرضِ حيث يَرَى مِنهُ بيتَ المقدسِ خيراً لَهُ مِنَ الدنيا جميعاً».
ويبقى سر المسجد الأقصى مجهول
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق